الداخلة بريس _ جهة وادي الذهب الكويرة.. من الكفاح المسلح إلى البناء المسلح


أضيف في 21 ماي 2014 الساعة 17:26


جهة وادي الذهب الكويرة.. من الكفاح المسلح إلى البناء المسلح


بقلم : المصطفى بلفطيبية

إن جهة وادي الذهب الكويرة بإقليميها وادي الذهب واوسرد، حباها الله بخيرات وبموقع جغرافي جذاب يؤهلها لتكون قطبا فاعلا في اقتصادنا الوطني باعتبارها بوابة المغرب نحو إفريقيا .

إن الجهود الجبارة مكنت هذا الربع المسترجع ، من تجاوز بنى التخلف التي تركها الاستعمار الاسباني البائد وأصبحت هذه الجهة تتبوأ مكانتها المرموقة ضمن باقي جهات المملكة ، بفضل البنيات التحتية التي وفرتها الدولة في شتى القطاعات ، الأمر الذي جعل رعايا صاحب الجلالة الأوفياء للعرش العلوي المجيد ، ينعمون بالرخاء والازدهار والكرامة في ظل الوحدة  والديمقراطية ودولة الحق والقانون التي رسخها باني وضامن وحدتها ومبدع التنمية البشرية والدبلوماسية الموازية جلالة الملك محمد السادس

وشكلت جهة واذي الدهب على امتداد الحقب، جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية ، كما ان سكانها تربطهم عبر التاريخ وشائج وروابط البيعة التي تعتبر من الوجهة الإسلامية ميثاقا مقدسا بين الراعي والرعية ، من الوجهة السياسية دليلا على السيادة المغربية الشرعية، وقد بقى سكان هذه المنطقة أوفياء ومخلصين للعرش العلوي المجيد ، في فترات  السراء والضراء  وقد أمدوا تشبثهم بالوحدة الترابية وبالعرش العلوي المجيد خلال مقاومتهم ومناهضتهم للاستعمار الإسباني .

ولقد استمر ذلك إلى بداية الخمسينات حيث انخرط العديد من أبناء الصحراء المغربية في صفوف جيش التحرير واعضاء المقاومة

وبعد حصول المغرب 1956  بدات قضية استكمال الوحدة الترابية تطرح بإلحاح سواء من قبل المغفور له الملك محمد الخامس او من قبل قادة الأحزاب  والتنظيمات السياسية المتواجدة في الساحة انذاك . ففي 28 مارس 1956 أكد الزعيم علال الفاسي على حق المغرب في استرجاع  صحرائه السلبية وفي سنة 1958 كان الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد الخامس رحمه الله في منطقة محاميد الغزلان ، حيث أعلن إصرار المغرب على استرجاع صحرائه السليبة.

ومعلوم انه في نفس الفترة قام أعضاء جيش التحرير بتنفيذ عمليات جريئة ضد المحتل الإسباني ومعركة العركوب بوادي الذهب تعد مفخرة يعتز بها كل سكان هذا الإقليم وكما برهن جنود جيش التحرير بوادي الذهب  عن غيرتهم على وطنهم وتمسكهم بوحدة المغرب التي لا تنقسم في عدة معارك أخرى ضد  جيوش  الاحتلال ، كمعركة لكلات 1957 ومعركة وادي الشايف التي عرفت مصرع 700 جندي اسباني ، وسقوط عدد كبير من الجرحى ومعركة شرواطي التي قتل فيها خمسون جنديا محتلا.

ولما كان من الضروري أن يوضع حد للكفاح المسلح ، فقد حشدت كل من فرنسا  واسبانيا قوات ضخمة مدعمة  بالمدرعات والطائرات محاولة دحض المجاهدين المغاربة في الجنوب .وإن كانت المقاومة المسلحة  الواسعة النطاق قد خمدت  لبعض الوقت فإن ذلك لا يعني أن المغرب تغاضى عن حقه التاريخي في استكمال وحدته الترابية حيث ابتدأ في عرض قضية الصحراء المغربية في المحافل الدولية وخاصة هيئة الأمم المتحدة  التي أوصت بأن تسرع إسبانيا  في إنهاء  حالة الوصاية  الاستعمارية على هذه المنطلق والدخول في مفاوضات  متعلقة  بالسيادة التي يطرحها المغرب .

لكن الأسلوب الذي اتبعته حكومة فرانكو والمتمثل في التماطل  والمناورات والتملص من تطبيق القرارات الأممية حدا بالمغرب إلى اتخاذ  المبادرة ، فبعد الرأي الاستشاري  الذي أصدرته  محكمة العدل الدولية في تحديد العلاقات  التي تربط سكان الصحراء  بالدولة المغربية  والعرش العلوي المجيد  نضم المغرب مسيرة سلمية في 6 نونبر 1975 حشدت زهاء 350 ألف من المواطنين المغاربة قرروا جميعا أن يعبروا الحدود الوهمية التي اصطنعها الأسبان

و كان سكان اقليم وادي الذهب  يوم 14 غشت من سنة 1979 على موعد مع التاريخ حيث وفد إلى الرباط ممثلو وعلماء واعيان وشيوخ سائر قبائل هذه الربوع الابية لتجديد البيعة لجلالة المغفور له الحسن الثاني، معبرين عن تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد سيرا على هدي ابائهم واجدادهم ومؤكدين تمسكهم بمغربيتهم وتشبتهم بالوحدة الترابية للمغرب من طنجة الى لكويرة.

وكانت عودة إقليم وادي الذهب إلى حضيرة الوطن الأم بمثابة تكريس للخطوات التي قطعها المغرب على درب استكمال وحدته  الترابية والتي جسدها جلالة المغفور له الحسن الثاني  على الاستقلال وتجديد البيعة لجلالته.

وكانت عودة إقليم وادي الذهب  حظيرة الوطن الأم بمثابة تكريس  للخطوات التي قطعها المغرب حيث شهدت مدينة الرباط ، في 3 ماي 1956 حدثا مماثلا حينما استقبل رمز الحرية  والاستقلال جلالة المغفور له الحسن الثاني حينما  كان وليا للعهد في شتنبر 1960 حيث نادي في خطابه أمام الأمم المتحدة بتصفية الاستعمار في الإقليم الجنوبية

وواصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس حمل مشعل  الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة موليا  عنايته  السامية للأقاليم المسترجعة ورعايته  الشاملة لأبنائها وتعزيز أواصر العروة الوثقى والتعبئة الوطنية  ، لمواجهة  كل مؤامرات  خصوم الوحدة الترابية مجسدا حكمة المغرب وتبصره وعزمه على صيانة وحقوقه  الراسخة .

وقد أكد جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2004 هذه الإرادة القوية لإنهاء كل نزاع مفتعل حول وحدة المغرب الترابية  وإيجاد حل نهائي لقضية الصحراء يضمن سيادته على أقاليمه .

وفي خطاب العرش لسنة 2005 ابى جلالته إلا أن يذكر الشعب المغربي بالأواصر التي تربطه  بالعرش العلوي  قائلا " ... كما أن تعلقك ، شعبي العزيز  ، ابا عن جد ، بوحدتك الترابية ، ليعد جزءا  لايتجزأ من وطنيتك  العريقة ، ومقوما اساسيا للمواطنة العصرية الفاعلة.وهو ماجعل من تشبتك على الدوام ، بمغربية صحرائك في قضية وجود لامسالة حدود " مشيدا بما ابداه الشعب المغربي " في الأونة الاخيرة  من إجماع وتعبئة ، وبما ابانت عنه جاليتنا الوفية المقيمة بالخارج ، من غيرة وطنية  صادقة ، وما تحلت به  مختلف السلطات العمومية المدنية العسكرية و الأمنية والدركية والمساعدة ، من يقضة  وحزم ورباطة جأش ، والتزام بسيادة القانون في مواجهة المؤامرات الفاشلة ، للمس برموز سيادتك  ، واستفزاز شعورك الوطني

ووعيا من جلالته بأهمية تعزيز المكتسبات التي تحققت في هذه الأقاليم وتعزيز المنجزات بها قرر جلالته إشراك مختلف فعاليات الإقليم الجنوبية ، في تدبير شؤونها ، كما قرر إعادة هيكلة  المجلس الملكي الاستشاري  للشؤون الصحراوية ، لتمكينه من تمثيلية  متوازنة ، وذات مصداقية  تجعل منه قوة اقتراحيه .

وبتجديد سكان وادي الذهب بيعتهم فإنهم لم يقصدوا سوى إرجاع الحق إلى نصابه وتزكية حقيقة تاريخية اقرها الشرع والقانون وتتمثل في رابطة البيعة التي جسدت مند المولى إدريس الأول شرعية الخلافة في المغرب والركيزة الأساسية التي بني عليها النظام السياسي في وطننا بالإضافة على أن بيعتهم تمت برغبة صادقة وارادة حرة في الالتحاق بالوطن الأم .

واليوم جاءت زيارة جلالة الملك محمد السادس  لحاضرة وادي الذهب مدينة الداخلة لربط الماضي بالحاضر والتي تعد المفخرة الكبرى لسكان الصحراء  حيث يتفقد أحوال رعيته  بالصحراء مقترنا بجده المولى الحسن الأول.

وتكتسي هذه الزيارة الميمونة رمزية سياسية قوية، وتكرس روابط راسخة ومتجددة من أجل صيانة المكتسبات والتصدي لمناورات خصوم وحدة المغرب الترابية.

وتأتي هذه الزيارة في ظرفية يشهد فيها المغرب دينامية خاصة ، تتميز بتعدد الأوراش الاصلاحية والتنموية التي تضع العنصر البشري في صلب اهتماماتها.

كما تعكس هذه الزيارة، التي تأتي في ظرف تاريخي موسوم بسلسلة من المؤامرات التي يحيكها أعداء الوحدة الترابية للمملكة ، حرص المغرب على تحقيق تنمية شاملة ومندمجة بهذه الربوع في ظل النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية ، والتزامه الثابت بالتعاون البناء مع المنتظم الدولي من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء ، في إطار السيادة المغربية.

وعلى إيقاع المشاعر الوطنية الجياشة ، تحولت المدينة إلى فضاء يجسد في كل تمظهراته مغزى وأهمية هذه الزيارة الملكية الميمونة ، التي تجد فيها ساكنة جهة وادي الذهب لكويرة ومختلف القبائل الصحراوية بالمنطقة ، فرصة أخرى للإعراب مجددا عن مباركتها لكل خطوات جلالة الملك ومواقفه النيرة لحماية وصيانة الوحدة الترابية والوطنية للمملكة.

وقد تحولت المدينة التي هي أصلا ورش دائم للبناء، إلى ورش للفرح والمحبة من خلال مظاهر الزينة التي اكتستها أهم شوارع وساحات وفضاءات المدينة التي زادتها الأعلام الوطنية وصور صاحب الجلالة رونقا وجمالية وهي تعيش أجواء يتجدد فيها عبق التاريخ وملاحم الوطنية والوحدة من خلال الزيارة الملكية الميمونة.

ويأتي التعبير عن هذه الإرادة الوحدوية الجلية في سياق إرادة جماعية لكل مكونات الشعب المغربي تستلهم فلسفتها من مقومات الذات المغربية قيادة وقاعدة ، لتحصين الوحدة وحمايتها من كل عبث أو محاولة يائسة أو طائشة ، من قبل الخصوم والجهات المتواطئة معهم.

فقبل ربع قرن تعهد موحد البلاد جلالة المغفور له الحسن الثاني ، طيب الله ثراه ، بأن يرعى البيعة التي قدمها له وفد من أبناء إقليم وادي الذهب بالرباط في 14 غشت 1979 ، معلنين ارتباطهم الوثيق والتحامهم الدائم بوطنهم المغرب.

وكانت تلك المحطة لحظة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة عندما خاطب مبدع المسيرة الخضراء أبناء هذه الربوع قائلا: "إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر".

وصلة الرحم وربط الأواصر ظلت دائما إلى جانب إسعاد أبناء الصحراء من خلال المنجزات التنموية النهج الذي سلكه المغرب تحت قيادة موحد البلاد وخلفه جلالة الملك محمد السادس الذي أعطى للبعدين الوحدوي والتنموي بالأقاليم الجنوبية شحنة قوية في كل خطبه ومواقفه وزياراته الميدانية الكريمة.

وتتجسد هذه العناية من خلال مبادرة منح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية وهي المبادرة التي لقيت ترحيبا دوليا واسعا كمبادرة شجاعة وواقعية ومن شانها إيجاد حل نهائي لمشكل الصحراء المفتعل.

كما تتجسد في الأوراش الكبرى المهيكلة التي عرفتها الأقاليم الجنوبية والتي وظفت لها استثمارات مالية ضخمة بنيت بفضلها مدن بأكملها في بيئة صحراوية كانت تفتقر حتى عقود قليلة لأبسط شروط التنمية وتحولت خلال السنوات الأخيرة الى أقطاب تنموية وازنة.

وما من شك فإن الإرادة الملكية الراسخة في أن تتبوأ الأقاليم الصحراوية المكانة التي تستجيب لتطلعات ساكنتها تجد صداها في المشاريع القطاعية والمشاريع المهيكلة وفي التصور الجديد الذي جاء به النموذج التنموي الجديد لهذه الأقاليم الذي أغنته المقاربة التنموية التشاركية التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أجل إطلاق دينامية حقيقية للتنمية بهذه الأقاليم.






تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها

1- puf bla bla bla

blablabla

article vide malgré l 'effort
parole parole parole
cesse d'ecrire SVP
SECCE DE COMMENTER SVP
ACTUELLEMENT tout le monde parle tout le monde ecrit et tout le monde critique sans atteindre aucuns objectifs
malheure usement c'est la fin du monde

في 22 ماي 2014 الساعة 26 : 12

أبلغ عن تعليق غير لائق


للتواصل معنا

0632268239

بريد الجريدة الإلكتروني

  [email protected]

 

المرجو التحلي بقيم الحوار  وتجنب القذف والسب والشتم

كل التعليقات تعبر عن راي أصحابها

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



إصلاح الإدارة وربط المسؤولية بالمحاسبة: أية علاقة؟

السياسة المخزنية في إفريقيا ومخاطرها

البيجيدي والبيدوفيليا الحلال

الحكومة وعقدة الزيادة

مغربة الصيد البحري.. مشروع مرسوم في الاتجاه المعاكس

وضعية المرأة المعاقة في المغرب

في ذكرى الشهيد أيت الجيد محمد بن عيسى

احتماء الفرنكفونية بالملكية لا يعفي من مقاومتها

حماية وتطوير العربية: في أي دولة سيسن هذا القانون؟

في زوبعة ضبط أذان صـلاة الصبح