الداخلة بريس: تنشر تحقيقا حول الفلاحة بالداخلة

 

الداخلة بريس : رشيد التونسي

فلاحة الصحراء بجهة وادي الذهب لكويرة أسرار خطيرة تهدد المشاريع بالتوقف( الجزأ الأول )

 

عندما تمنع طبيعة الصحراء بعض الدول من تحقيق حلم الزراعة تشتغل الضيعات الفلاحية بالداخلة  بتقنيات حديثة تحقق أفضل إنتاجية وطنية تعطي بمواد ذات تنافسية  عالية في الأسواق الأوروبية، يحدث كل هذا برؤوس أموال ضخمة وبآليات عالية التعقيد 

في الآونة الأخيرة طفى على السطح نقاش ساخن حول إمكانيات الإستمرار؟ في ظل غموض مستقبل الفرشة المائية وتضارب الدراسات وتأخر الإستثمارا في الطاقات البديلة لتحلية ماء البحر , فهل ستتوقف الفلاحة وماهي ضمانات استمرارها؟

 

الطبيعة الصحراوية و التنمية الفلاحية 

 قد لا يصدق الناس أن جهة وادي الذهب لكويرة تنتج مابين 40 إلى 60 ألف طن سنويا من المنتجات الفلاحية وتشغل ما يناهز 4000 يد عاملة ، إن السر في ذلك  يكمن في جهة تقع على مساحة إجمالية تقدر ب 14.2 مليون هكتار و تتوفر على خصال طبيعية لعبت وستلعب دورا مهما في نمو اقتصادها المحلي ، طبيعتها توفر للفلاحة مناخا جيدا بدرجة حرارة معتدلة في وسط طبيعي صحراوي يتراوح معدل أمطاره السنوي ما بين 10و150 ملم  في السنة ، تقدر الأراضي الصالحة للزراعة بالجهة ب1 مليون هكتار، لم يستغل منها لحد الآن إلا 720هكتار فقط.

تتوفر جهة وادي الذهب لكويرة ،على مراعي شاسعة تقدر مساحتها ب 12.9 مليون هكتار. وقطاع غابوي يناهز300.000 هكتار،أما فيما يتعلق بالقطيع يتصدر الإبل القائمة ب 25.000 رأس ثم الأغنام ب 40.000 رأس، والماعز: 30.000 رأس، ثم يلي ذلك الأبقار ب 300 رأس، والدجاج: 44.000 طائر

كيف تحقق الاستثمار الفلاحي بالصحراء المغربية 

انطلقت المشاريع الفلاحية بجهة وادي الذهب لكويرة منذ 1989 حيث تم تجريب العديد من الخضروات والفواكه القابلة للإنتاج داخل البيوت البلاستيكية  لكن مع مرور الوقت اقتنع المستثمرون بجودة أنتاج البواكر، التي تأتي على رأسها الطماطم ، بحكم أنها ذات مردود عالية ومطلوبة في السوق الخارجية بنسبة 100% ساعدهم في دلك عوامل إنتاج متمثلة في  درجة الحرارة الشبه معتدلة وخلو المنطقة من الأمراض والحشرات المضرة ووفرة مياه السقي الباطنية، التي لم تثر حولها المشاكل في البداية، معتمدين في تحقيق كل ما تم الحديث عنه،على نمط الزراعة المتخصصة في الضيعة الواحدة ونظام البيوت المغطاة، مما ساهم في تحقيق حلم فلاحة صحراوية مغربية عالية الجودة موجهة في أغلبها للتصدير

من يستثمر في فلاحة الداخلة  ؟

 

تنفي جميع المصالح المهتمة بالاستثمار الفلاحي بجهة وادي الذهب لكويرة أن تكون  الأموال الأجنبية  هي من تحرك العجلة الخضراء بالداخلة ، معتبرة أن رؤوس الأموال الفلاحية وطنية و تعود لمستثمرين مغاربة ، ساهموا بشكل فردي وجماعي في خلق زراعة متطورة ، ذات تقنية عالية خولت منتوجاتهم درجة متقدمة في المنافسة بالأسواق الأوروبية ، وهكذا عرفت الجهة تشكيل وحدات إنتاجية ضخمة تأتي في مقدمتها  "طاورطة اكريكول"المختصة في إنتاج الخضراوات ، التي تشغل مساحة استثمارية تقدر بحوالي 300 هكتار،مستثمرة في ذلك 240 مليون درهم كمبلغ أولي واستطاعت أن تشغل  1500 عامل في انطلاقتها الأولى . تليها المجموعة الثانية  "ماريشاج دي صحرا" استثمرت 226 مليون درهم وتشغل هي الأخرى 2500 عامل بمنطقة حي البكاري بجماعة العركوب ، على مساحة تقدر بحوالي 485 هكتار في أحسن المناطق مردودية. أما مجموعة "ميجيك اكريكول" فقد استثمرت في اكرارات ام اسكاوي202 مليون درهم مشغلة في البداية 1500 عامل ، فشركة "اكريداك" المختصة في إنتاج الخضراوات بمنطقة كليب الجديان فقد استصلحت 240 هكتار وبلغت استثماراتها المالية الأولية 109 مليون درهم ،مشغلة بذلك 800 عامل أما شركة "نكجير اكريكول" فقد أرست استثمارها بجماعة العركوب على مساحة150هكتار بكلفة 67 مليون درهم مشغلة 320 عامل ،ومن أقدم الشركات الفلاحية بالجهة " مجموعة تنكير" بجماعة العركوب التي  استثمرت  في بداية الأمر 21 مليون درهم على مساحة 600 هكتار وتشغل 130 عامل. 

حقيقة المستقبل الواعد للفلاحة بجهة وادي الذهب لكويرة  

على الرغم من حداثة الضيعات الفلاحية الكبيرة بجهة وادي الذهب لكويرة ، فإن وزارة الفلاحة سعت إلى منح الجهة مكانة متميزة في جميع المخططات ،وجدير بالذكر أن المخطط الأخضر الجهوي خصص غلاف مالي بقيمة 712 مليون درهم بهدف تنفيذ 17 مشروعا،11 منها موجهة للإنتاج الحيواني، و6 مخصصة للأنشطة الزراعية وتتوقع المديرية الجهوية أن تخلق هذه المشاريع أزيد من 17 ألفا ومائتي منصب شغل قار، ضمنها 16 ألفا ومائة منصب شغل في قطاع البواكير،و 1600 في مختلف أنشطة الإنتاج الحيواني، وذاك من خلال توسيع المساحات المخصصة لزراعة البواكير لتصل إلى ألف هكتار في أفق سنة 2020،( مقابل 450 هكتارا حاليا)،إلى جانب الرفع من الإنتاج الزراعي للبيوت المغطاة لينتقل من 36 ألف طن إلى 76 ألف طن سنة 2013 و116 ألف طن سنة 2020 ،وفيما يتعلق بباقي المنتوجات ،يروم المخطط تسويق 3 آلاف طن سنويا من حليب الإبل في أفق 2020،والرفع من إنتاج اللحوم البيضاء بمعدل %600 ،لتنتقل بذلك من 250 طن إلى 1450 طنا سنويا في أفق 2020 ،كما يروم المخطط الرفع من إنتاج اللحوم الحمراء بنسبة 50 % في أفق سنة 2013،وبنسبة 74 % في أفق 2020. أما فيما يتعلق بتربية الماشية فقد خصصت لجهة وادي الذهب  ضمن برنامج خاص بمحاربة الجفاف مبلغ 12،5 مليون درهم ،تم تنفيذ الشطر الأول منه عن طريق توزيع 600 طن من الشعير المدعم تحملت الدولة 53%  من تكاليفه في انتظار أن ينطلق الشطر الثاني الذي يهم 1000 طن من الشعير المدعم  ناهيك عن ما يتعلق بدعم نقل الأعلاف ،و معاجلة 12000 رأس من الأغنام والماعز إضافة إلى 2800 رأس من الإبل

 نقاش المرحلة: الماء قد يضع حدا للاستثمار الفلاحي

يراهن المستثمرون في الميدان الفلاحي على وفرة المياه وجودتها لتحقيق إنتاج أفضل ، كما ترتكز إستراتيجية التنمية في أي من المجللات على تحقيق نوع التوازن بين الرغبة الأكيدة في تحقيق الأرباح  ودراسة العواقب ،هذا هو عمق النقاش الدائر حاليا والذي يدعوا فيه البعض إلى أنه لا يمكن أن نسمح للقطاع الفلاحي أن يهيمن على القطاعات الأخرى ويجفف منابع المياه بحجة الاستثمار ، جاء ذلك تردد أخبار عن كون الفرشة المائية للجهة محدودة ولا تتجدد ، في ضل صمت غير مفهوم  لوكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب ، صاحبة الاختصاص داخل 49% من مساحة المملكة ، في حين تحاول بعض الجهات الحد من هذا النقاش على اعتبار أن القطاع الفلاحي الحالي المعتمد على التقنيات الحديثة بعيد كل البعد عن الإضرار بهذه  الفرشة بحكم عقلنة استعماله للماء عبر التنقيط ، أضف إلى ذلك النتائج المرجوة من تطبيق خطة العمل 2010 - 2015  التي تهدف إلى تشييد منشآت مائية وإنجاز مشاريع مندمجة بقطاعي الماء والبيئة وتعبئة المياه السطحية بإنجاز سدين تليين سنويا وكذا تدقيق معرفة الموارد المائية للحوض الرسوبي والبحث والتنقيب عن موارد جوفية جديدة ، لكن السؤال الذي بقي محيرا للجميع هو سر اختفاء الحديث عن مشاريع الطاقة الريحية التي كانت ستلعب دورا في تخفيف حدة النقاش في هذا الصدد ؟ هل ألغيت أم تمت عرقلتها من طرف متدخلين محليين لأنهم لايرون مصلحتهم الضيقة في تحققها ؟

فواكهنا وطماطمنا تصدر لكن بيئتنا تلوث

نبه الكثير من المهتمين لتفادي الأخطاء التي ترتكبها الشركات الحالية في حق الطبيعة ، حيث تجني الأرباح وتصدر منتوجات بجودة عالية إلى الخارج ، فيما يكون نصيب الجهة من كل هذا وذاك ، بيوت بلاستيكية متلاشية ، و أزبال خطيرة تلقى على جانب الضيعات  لتسمم الأرض ،الماء والهواء

كما سبق للعديد من المهتمين بالمجال البيئي أن دقو ناقوس الخطر في أكثر من مناسبة حول خطورة التغاضي عن سلوك المستثمرين الذين لا يعيرون اهتماما لخطورة استعمال المزيد من المبيدات. و المركبات الكيماوية السامة، في وقت يطالب فيه  البعض ب فرض التزامات قبلية على الشركات التي تنوي القيام باستثمارات فلاحية بجهة وادي الذهب لكويرة .