الداخلة بريس _ بوتفليقة لن يفوز بالرئاسة


أضيف في 15 أبريل 2014 الساعة 47 : 13


بوتفليقة لن يفوز بالرئاسة


 


بقلم: سليمان بوصولة باحث في الشؤون السياسية         

 

تشهد الجزائر اليوم حملة انتخابية غير مسبوقة, حيث أثارت ضجة عالمية منقطعة النظير, فالانتخابات الرئاسية الحالية قد تميزت عن غيرها من الرئاسات الجزائرية السابقة بالأحداث العنيفة التي سبقتها, احتجاجا على تقديم الرئيس الحالي السيد عبد العزيز بوتفليقة لترشحه رسميا. هذه الأحداث أخذت طابعا عالميا بعد أن روج لها الإعلام العالمي على أنها مشروعة في ظل الظروف الصحية الحرجة التي يعاني منها رجل الدولة الأول, و لكن الجزائر نجحت في تمرير هذه الأزمة على أحسن وجه ممكن. المهم من كل هذا أن هناك بعض الحقائق التي لا يمكن التقاضي عنها, و منها على وجه الخصوص الظروف الصحية الحرجة التي يعاني منها رجل الدولة القوي السيد بوتفليقة, و الحقيقة الثانية هي تواجد الرئيس في مستشفيات فرنسا لمدة ثمانين يوما بالتمام و الكمال في حالة غيبوبة, و هو ما اثأر مجموعة من الأسئلة المنطقية آنذاك من قبيل من هي الجهة المسئولة عن تسيير البلاد في ظل غياب الرئيس؟ و الحقيقة الثالثة تكمن في أن الجزائر لم تقطع شوطا طويلا في مشوار الديمقراطية بعد بشهادة الصديق قبل العدو و هو ما يجعل تسيير الدولة في ظل غياب الرئيس من طرف المؤسسات الدستورية أمرا مستبعدا. أما الحقيقة التي لا يمكن التقاضي عنها فهي أن النظام الذي يسهر على تسيير ملفات البلاد لا يمكن أن يكون غبيا لدرجة التقاضي عن حقيقة مرض رجله القوي, و بالتالي فالنظام قد حسم سلفا في مستقبل الجزائر الذي يبدو أن السيد بوتفليقة لن يكون طرفا فيه بسبب الأحوال الصحية التي يمر بها. في ظل هذه الحقائق الثابتة تقوم رئاسات الجزائر الجديدة و التي يمكن وصفها بالاستثنائية مقارنة مع ما سبقها من انتخابات شكلية سابقة, و التي سيحاول النظام من خلالها تمرير رسائله القوية إذا ما نجح في استبدال عبد العزيز بوتفليقة.                                       

النظام الجزائري اليوم يقف أمام مفترق طرق خطير جدا, حيث يجد نفسه أمام حلين أحلاهما مر, الأول يقضي بالدعم الكامل لما تبقى من هيكل بوتفليقة المتآكل, و هو حل نتائجه غير مضمونة كليا بسبب الحالة الصحية للأخير, حيث انه  معرض لإعلان انسحابه في أية لحظة تحت ذريعة المرض, و هو ما سيجلب الويلات على النظام و ربما سيفرض حالة  من عدم الاستقرار في البلاد و فتح الباب على مصراعيه أمام المتربصين بمقعد الرئاسة. الحل الثاني و على الرغم من صعوبته بفعل التعارض الكبير بين المؤسسة العسكرية من جهة و جهاز الاستخبارات من جهة ثانية و الديوان الرئاسي من جهة ثالثة, و هي الجهات الثلاثة الممثلة لأضلاع مثلث النظام في الجزائر, إلا انه يبقى الحل الأنسب للخروج من هذه الأزمة التي باتت تهدد مستقبل النظام في الجزائر. الحل يكمن في حل توافقي بين هذه الأجهزة, على رجل من بين المترشحين الخمسة باستثناء بوتفليقة و بضرورة وجود الرئيس الحالي في قائمة المترشحين, هذا الحل و رغم بساطته فهو الحل الوحيد للازمة الجزائرية لإيجاد حل سلس لخليفة بوتفليقة, و تمرير رسائل إلى كل من يهمه الأمر بان التغيير في الجزائر لا يكون سوى عبر صناديق الاقتراع, و أن الانتخابات الجزائرية كما كانت دوما نزيهة و ضامنة للشفافية و المصداقية هاهي اليوم تثبت ذلك من جديد و الدليل على صحة ذلك خروج رئيسها الحالي خالي الوفاض, هذه الرسائل و على الرغم من تمريرها على حساب سمعة بوتفليقة الذي لن يعارض استغلاله من طرف النظام في سبيل استمرار المنظومة التي كرس لها حياته كلها, إلا أنها تضمن خروج الجزائر و نظامها من الباب الكبير. النظام الجزائري المتعود على الخبث السياسي لن يدع فرصة ذهبية كهذه تفوته, و يعرف جيدا أنها أخر فرصة أمامه للحفاظ على ديمومته و استمراريته, و الأكيد في الأمر أن خليفة بوتفليقة ضمن قائمة المترشحين للرئاسات. فالقراءة السريعة للسير الذاتية للمترشحين قد تعطي بعض التفاصيل المطلوبة في خليفة الرئيس, حيث نجد عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل و القيادي السابق في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني, الحزب الحاكم حاليا, و نجد أيضا علي بن فليس الأمين العام لجبهة التحرير الوطني و المدير السابق لديوان الرئيس و رئيس الحكومة سابقا, ثم موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية و هو رجل قد تدرج في مجموعة من المناصب العسكرية و الأمنية قبل أن يدخل في معترك الحياة السياسية, و لويزة حانون الأمينة العامة لحزب العمال هي شخصية وطنية و تبقى حظوظها شبه معدومة ثم علي فوزي رباعين رئيس حزب عهد الرابع و الخمسين و هو شخصية غير معروفة و بلا ماضي نضالي و يبقى هو الأخر مجرد حصان اسود في السباق الرئاسي, و لعل العامل المشترك الوحيد بين المترشحين الأكثر حظا في الفوز هو انتماءهم للتيار الوطني.            

النظام الجزائري اليوم يدخل في اختبار صعب ة مصيري حيث أصبح مجبرا على إيجاد خليفة لبوتفليقة في اقرب فرصة ممكنة بفعل الحالة الصحية للرئيس الحالي, و لا أظن أن هناك فرصة أفضل من الانتخابات الحالية التي ستظهر النظام الجزائري بوجه أخر أكثر ديمقراطية و أكثر بعدا عن الحياة السياسية.                                                                

 






للتواصل معنا

0632268239

بريد الجريدة الإلكتروني

  [email protected]

 

المرجو التحلي بقيم الحوار  وتجنب القذف والسب والشتم

كل التعليقات تعبر عن راي أصحابها

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



إصلاح الإدارة وربط المسؤولية بالمحاسبة: أية علاقة؟

السياسة المخزنية في إفريقيا ومخاطرها

البيجيدي والبيدوفيليا الحلال

الحكومة وعقدة الزيادة

مغربة الصيد البحري.. مشروع مرسوم في الاتجاه المعاكس

وضعية المرأة المعاقة في المغرب

في ذكرى الشهيد أيت الجيد محمد بن عيسى

احتماء الفرنكفونية بالملكية لا يعفي من مقاومتها

حماية وتطوير العربية: في أي دولة سيسن هذا القانون؟

في زوبعة ضبط أذان صـلاة الصبح