الداخلة بريس:
استعرض رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر برويطة، في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك"، رؤى الرباط في القمة العربية التي تنعقد في الجزائر العاصمة، أيام 01 و01 نونبر 2022.
وفي هذا الصدد، أوضح بوريطة، أن القمة العربية تنعقد في سياق إقليمي ودولي "صعب جدا، يشمل ما هو مزمن وحاد، وعلى رأسه القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي المحتلة وكذلك للأماكن المقدسة في مدينة القدس وغيرها"؛ وسلّط الضوء على "حالة من الاستقطاب الحاد" على الصعيد الدولي، والأزمات المتعددة في جوانب مختلفة؛ بيئية وسياسية وأمنية وغيرها، التي يشهدها العالم.
وبالنسبة لرئيس الدبلوماسية المغربية، فإن عددا من دول العربية تعرف "ظروفا صعبة"، مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا والسودان والصومال..، وقال في هذا السياق : "تنتظر وتتساءل الشعوب العربية، والأجيال الجديدة في العالم العربي، حول مخرجات القمة العربية".
تعليقا على مسألة الخروج بمشاريع قرارات تهم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والوضع في ليبيا واليمن، كشف وزير الخارجية المغربية، أنه "هناك عمل لتحقيق توافق مهم حول مجموعة من القضايا، صحيح أنه لا يمكن حل كل شيء، لكن ما جرى صياغته من قرارات يشكل 'الحد الأدنى من التوافق' حول هذه الملفات.
مشددا على أن القضايا في منطقتنا العربية "معقدة"، مثل القضية الليبية أو السورية وغيرها، و"لا تخلو من التدخلات الخارجية والدولية، ورغم أن تصور حدوث إجماع صعب"، موضحا أن "الإشارة القوية التي خرجت هي أن القرارات عكست "حدا أدنى من التوافق" حول جملة القضايا".
وبخصوص أفق إحداث منطقة اقتصادية أو وضع استراتيجية للأمن الغذائي، ذكّر رئيس الدبلوماسية المغربية، برؤية الملك محمد السادس، التي ترتكز على أن "الشق الاقتصادي يجب أن يحظى بنفس أهمية الشق السياسي، وبأن هناك حلولا كثيرة ضمن الاندماج الاقتصادي للعديد من القضايا بما في ذلك السياسية"، مبرزا أن العمل العربي المشترك لا يمكن "أن يسير برجل واحدة، وينبغي أن يمضي قدما برجليه الاثنين".
وفي السياق ذاته، أشار بوريطة إلى أن الملك محمد السادس "أعطى نموذجا في عام 2001 خلال اتفاق أكادير للاندماج بين 4 دول، والذي يمكن أن يكون نواة (مشروع) للمنطقة العربية الحرة"، مشددا على أن تعامل الملك مع القضايا، "ليس بالخطابات، وإنما بالقرارات، وبشكل تدريجي".
كما استعرض بوريطة، عناصر من رؤية المغرب، خلال القمة العربية، إذ أكد أن توجيهات الملك واضحة، حيث "تعتبر القضية الفلسطينية ذات أهمية، فمن منطلق رئاسته لمجموعة القدس، يعطي جلالته هذا الملف مكانة خاصة. كما ساهم الوفد المغربي بشكل نشيط وبناء في إثراء القرارات حول هذه المسألة".
وفيما يتعلق بالملفات الاقتصادية، أبرز الوزير المغربي، أنه تمت مناقشتها في إطار اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي "خرج ببعض الاقتراحات" حول التعامل مع القارة الأفريقية والاستراتيجية الغذائية.
وفي سياق مرتبط، أضاف رئيس الدبلوماسية المغربية، أن الرباط لديها اهتمام خاص بالملف الليبي وكذا اليمني، و"يركز على مواجهة التحديات واحترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها الوطنية، وتقوية أجهزة البلدان العربية كضرورة لمواجهة التحديات".
وقال برويطة، خلال المقابلة الصحافية، إن المغرب ينظر إلى القمة العربية" كحدث مهم، لكنها ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما محطة لإعطاء الزخم للعمل العربي، وسنكون خاطئين إذا اختزلنا العمل العربي في القمم فقط"، مضيفا أن ما يجب القيام به، هو "استغلال الزخم الذي توفره القمة للعمل في فترة ما بين القمم، وهذا هو الأساس".
ورفض المسؤول المغربي أن يكون هناك غياب في العمل العربي المشترك، وصرّح في هذا الصدد : " لا نتفق مع من يقول أن القمة تنعقد بعد فترة غياب، نعم كانت فترة غياب في عقد القمم لكن من الخطأ أن يكون غياب في العمل العربي المشترك"؛ وزاد مستدركا، "فعلا كانت هناك تحديات لم نواجهها، واليوم، إذا تساءلنا عن سبب غياب مواجهة الدول العربية لـ"كوفيد 19"، أو مواجهة قضية الأمن الغذائي، فلن نجد إجابات، وهذا يحتاج تفاهما وتطويرا للرؤية".
أبرز وزير الخارجية المغربية، أن التنسيق بين المغرب ومصر، "حاضر في كل القضايا"، على "اعتبار أنهما من الدول الرائدة في العمل العربي المشترك، ومن بين 30 قمة عربية حتى الآن، انعقدت 15 منها بين المغرب ومصر، وهذا يدل على ريادة البلدين في العمل العربي المشترك".
وأضاف بوريطة أن التنسيق بين الرباط والقاهرة، كان ضروريا، مشددا على أنه بتعليمات من الملك، كان على تواصل دائم مع نظيره المصري، "حول كل القضايا المطروحة في القمة وبعض الملفات الخاصة، والملف الليبي هو أحد الموضوعات التي تشهد تواصلا مستمرا".
وعاد رئيس الدبلوماسية المغربية، ليسلط الضوء على ما شهده الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة من إشكالية بين الوفدين المغربي والجزائري، وفي هذا الصدد، قال بوريطة : "نكرر مجددا، نحن نحضر قمة لجامعة الدول العربية، تحتضنها الدول على التوالي بالترتيب الأبجدي، لا نحضر في قمم تنظمها الدولة بمبادرة وتنظيم وباستدعاء منها ووفق أجندة أو رؤية خاصة".
وأضاف المتحدث نفسه، "إذا اتفقنا أن هذه قمة جامعة الدول العربية، ولها قواعدها وشروطها، فهناك مسؤوليات وحقوق بالنسبة للدولة المضيفة والبلدان المدعوة، وكل يجب أن يحترم دوره وغيره، وهذا هو المنطلق الخاص بالمغرب"، مشددا على أن المملكة ساهمت بشكل إيجابي في اجتماعات كبار الموظفين والمندوبين الدائمين، لإثراء القرارات والعمل على الخروج بنتائج مفيدة" موضحا أن المغرب استمر بهذا المنطق لأن تعليمات الملك هي "أن نشارك بشكل بناء".
وختم رئيس الدبلوماسية المغربية، بأنه "إذا كان هناك خروج عن إطار المسؤوليات، فواجب المغرب هو أن ينبه إلى ذلك، وأن يرجع الأمور إلى نصابها، وهذا ما حدث، وفي كل مرة عند الخروج عن المسار يذكر بأنه يجب الرجوع إلى المسار الصحيح".