الداخلة بريس: سعاد عيلال
لم يقعده عمره الذي تجاوز الستين، عن تحقيق حلمه، ولم يمنعه تقاعده من مهنة حارس مؤسسة تعليمية، عن التجوال في ربوع وطنه من البوغاز إلى الصحراء، حتى ولو لم يمتلك إمكانية مادية لذلك، متخذا إرادته القوية، ودراجته الهوائية وسيلة لتحقيق حلم طالما راوده رغم ضيق ذات اليد.
هو محمد المطهور، الذي قدم من مدينة مكناس إلى الداخلة، على متن دراجته، ليُحيي أولا صلة الرحم مع ابناء هذا الوطن طيلة مساره الذي اختار أن يقطعه عبر الجبال والصحاري، وثانيا ليتعرف على ما يزخر به المغرب من مؤهلات سياحية وتمازج ثقافي قل نظيره.
عشرون يوما قضاه المطهور ، خلال رحلته التي انطلقت يوم ثاني أبريل الجاري من مكناس عبر جبال الأطلس مرورا بالصحراء الشرقية، وصولا إلى بوابة الأقاليم الجنوبية مدينة كليميم، ومنها إلى الطنطان، فالسمارة، ثم العيون وبوجدور، وأخيرا لؤلؤة الجنوب، ومدينة الصحراء والبحر..الداخلة.
لم تكن هذه الرحلة التي يبعث من خلالها محمد المطهور رسالة أمل إلى كل المتقدمين في السن بأن الحياة لا تنتهي مع وصول سن التقاعد، بل إنها انطلاقة جديدة نحو حياة أرحب، ورسالة تحد إلى الشباب الخامل، الذي يفضل الجلوس في المقاهي التي أذبلت زهرة شبابه، بدل ممارسة الرياضة، والانطلاق والمغامرة، التي تعتبر من أساسيات عمر الشباب.
لم تكن هذه هي رحلته الأولى نحو مدينة الداخلة، بل الرابعة، ولن تكون أيضا الأخيرة، ف"الشيخ الشاب"، وبحسب ما صرح به للداخلة بريس، عاقد العزم بعد شهرين من الآن،على العودة إلى جارة وادي الذهب، لينطلق منها نحو دكار.
ويحلم أن ينطلق منها في عيد المسيرة القادم نحو موريتانيا ومالي وتشاد والسودان إلى أن يصل إلى الديار المقدسة بالعربية السعودية.
وربما بعدها يقرر أن يتجول العالم على متن دراجته الهوائية، ولما لا ! فلا شيء مع العزيمة والإرادة يستحيل.